الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

رسالة (6)



عزيزي المدير

أسعد الله ذاتكَ الطيبة ..

"المكنسة العملاقة الخفيّة، التي تُبدَّل وتشوّه وتمحو مشاهدَ، تعمل منذ آلاف السنين".*

المكنسة، نفسها، هي التي ألهبت مشاعر "الحنين"، منذ قدمت استقالتي يوم أمس الأول.
ولماذا الحنين، وهذا المكان كان طوال الأشهر الـ مضت، مرادف للقلق، الحزن الهائل، الاستياء في أكثر صوره هزليّة، وبكل ثقة سأقول: الإحباطات الفادحة.
إحباطات في صورة ضيفٍ ماكر يتساءل: ما الجديد؟ ما المهم؟ ما هو الشيء ذو القيمة؟

المكنسة، لا تكفّ عن شحن رأسي، بتفاصيل مثل:
التصريح الذي أعلنتَ فيه: يمكن الاعتماد عليك.
ابتسامة الرضا- نوعٌ من الابتسامات النادرة- مرة أو مرتين، اوه، محظوظة !
المفاجآت والفرص التي يحملها العمل كل يوم.
التغيّر "الهستيري" لمعادلات العلاقات بين الزملاء. علاقات متحوّلة بشكلٍ يثير الافتتان أو القرف أو الاثنين معا.
لم لا، الأحاديث الجانبية، الحالات "الكثيرة" خلال 8 ساعات فقط.

ما الذي تفعله المكنسة بالضبط ؟

تذكّرني برغبتك الغامضة بالتمسك بالموظفين، كما لو أنهم ممتلكاتك الشخصية ؟؟
بنظرتك، وقد امتلأتْ بالفزع: هل فكرتِ جيدا في هذا القرار ؟ متى –بحق الجحيم- فكرتِ ؟؟
خطابك "الأبوي" المباغت، الممل، الذي –للمفارقة – كلما زادتْ درجةُ الملل فيه، شعرتُ بأنه ممتع.
كلماتك التي رقّت، وترقرقتْ، وأنتَ تضمّنها ضعفا لا يليق بـ مدير يحدّث موظفة مبتدئة.

اوف، إنها المكنسة، الـ "تعمل منذ آلاف السنين"!


* ميلان كونديرا / الجهل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق