الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

الرسالة الأخيرة



عزيزي المدير

وأنا أغادر، لن أحمل معي "صوتك".

I

صوتك الجارح، الحاد، اللعين، صوتك هذا، لا غير، سأرميه بعيدا كـ قطعة حجر في المحيط الأطلسي. صوتك المباغت، كلماتك الـ تتطلب جبالا من الصبر لعلها تكون مُحتملة، عباراتك المعجونة بماء القسوة. "دراما" عذّبتني حتى توهمت أني سأموتُ، لا. لا، أرفض أن ألعب أي "دور" في دراما سيئة !  

II

نبرتك الساخرة اللاذعة، التي تقلل من شأن الطرف الآخر، بل تسحقه في الأرض. أسلوبك الاتهامي. ردات فعلك البعيدة عن المهنية، الشخصية جدا، الانتقامية واللامتسامحة.

 III
  
ماذا لو تسرّب صوتك واختبأ في إحدى "رفوف" الذاكرة؟

صوتك وأنتَ غاضب، كـ عاصفة، تثيرُ الفزع. صوتك الشائك، أو الشوكة، التي تنغرسُ عميقا بمهارة وإتقان. صوتك الرهيب، وقلبي الذي يقفز كما لو أنه قلب طفلةٍ في الخامسة، تنتظر العقاب.  صوت؟ صوت؟ متى سأنتهي من حكاية الصوتِ هذه.

IV
  
وأنا أغادر، أكثرُ ما أخشاه، أن أفتقد "صوتك".

الجمعة، 25 نوفمبر 2011

رسالة (8)



عزيزي المدير

قبل نهاية الدوام، اقتربتَ، نظرتَ إلي بحزن وقلت بصوتٍ أقرب للهمس:

"كل عام وأنتِ طيبة."

كانت لحظة مباغتة، ومؤثرة جدا ..

عامل النظافة "الآسيوي" كان شاهدا لأنه جاءني بعد قليل و أعلن:
المدير يحبك*، رجاءً، رجاءً، رجاءً ابقي في العمل و تراجعي عن قرار الاستقالة !



*أريد، هنا، أن أشدّد على تخليص الكلمة من "ثقلها" بالمعنى العربي، فهي أقرب لكلمةlike   الانجليزية وتعني الإعجاب، تقريبا.

الخميس، 24 نوفمبر 2011

رسالة (7)



عزيزي المدير

لا تتخيل حجم الزهد الذي أشعرُ به تجاهك وتجاه مؤسستك.
تسأل: ما المشكلة ؟
أجيب: كل شيء "تمام" !

أتدري لماذا ؟
لثقتي الأكيدة بأن شيئا لن يتغير
لن يجدي
لن يجلب أي منفعة
إذا كان كل شيء يتبدّل ويتحوّل، فأنت تجسّد أروع مثال لـ ما يمكنُ أن يعنيه "الثبات".
( لا أدري هل تمكنت من إخفاء السخرية، أم أني أفلتُّـها )

اليوم، وصلني هذا الايميل ردا على التقرير الذي طلبته:
Thanks Fatima

هذه أعلى درجات الرضا، هذا تعبيرك عن الامتنان، في حده الأقصى !

الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

رسالة (6)



عزيزي المدير

أسعد الله ذاتكَ الطيبة ..

"المكنسة العملاقة الخفيّة، التي تُبدَّل وتشوّه وتمحو مشاهدَ، تعمل منذ آلاف السنين".*

المكنسة، نفسها، هي التي ألهبت مشاعر "الحنين"، منذ قدمت استقالتي يوم أمس الأول.
ولماذا الحنين، وهذا المكان كان طوال الأشهر الـ مضت، مرادف للقلق، الحزن الهائل، الاستياء في أكثر صوره هزليّة، وبكل ثقة سأقول: الإحباطات الفادحة.
إحباطات في صورة ضيفٍ ماكر يتساءل: ما الجديد؟ ما المهم؟ ما هو الشيء ذو القيمة؟

المكنسة، لا تكفّ عن شحن رأسي، بتفاصيل مثل:
التصريح الذي أعلنتَ فيه: يمكن الاعتماد عليك.
ابتسامة الرضا- نوعٌ من الابتسامات النادرة- مرة أو مرتين، اوه، محظوظة !
المفاجآت والفرص التي يحملها العمل كل يوم.
التغيّر "الهستيري" لمعادلات العلاقات بين الزملاء. علاقات متحوّلة بشكلٍ يثير الافتتان أو القرف أو الاثنين معا.
لم لا، الأحاديث الجانبية، الحالات "الكثيرة" خلال 8 ساعات فقط.

ما الذي تفعله المكنسة بالضبط ؟

تذكّرني برغبتك الغامضة بالتمسك بالموظفين، كما لو أنهم ممتلكاتك الشخصية ؟؟
بنظرتك، وقد امتلأتْ بالفزع: هل فكرتِ جيدا في هذا القرار ؟ متى –بحق الجحيم- فكرتِ ؟؟
خطابك "الأبوي" المباغت، الممل، الذي –للمفارقة – كلما زادتْ درجةُ الملل فيه، شعرتُ بأنه ممتع.
كلماتك التي رقّت، وترقرقتْ، وأنتَ تضمّنها ضعفا لا يليق بـ مدير يحدّث موظفة مبتدئة.

اوف، إنها المكنسة، الـ "تعمل منذ آلاف السنين"!


* ميلان كونديرا / الجهل

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

رسالة (5)




عزيزي المدير

" إذا بحثوا أمرا غاصوا في تفاصيله، و تعرجاته إلى درجة إثارة جنون البعض"

هكذا يقول برجك.
وهكذا أنا الآن، مصابة بالجنون، وأريد أن أقتلك.

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

رسالة (4)


عزيزي المدير


ها أنتَ تستعيدُ بقايا حيويتك، أتيقن من هذا في اللحظة التي أستلم، عبر الايميل، "دعوة" لاجتماعِ مهم.
هوسك بالاجتماعات طالما أسَرَني، لا شك أنك واحدٌ ممن عناهم ارنست همنغواي "كثيرون يتحدثون بهدف التمتُّع بلذةِ سماع صوتهم وهم يتكلمون"، هذا ما توفّره لك "فكرة" الاجتماعات تماما، لا يغادرك الزهو وأنت تناقش، تسأل، تقترح، تقرر، ولم لا، تدين وتستنكر ..

ماذا لو، خطر لك، أن تجرحني أمامهم ؟؟

سأصبر !

هيّأتُ نفسي وبمثابرةٍ جادة لتمثّل هذا الدور، وعشته لحظةً بلحظة. ذهبتُ للاجتماع وأنا أعاني آلاما قاتلة في البطن، ذبذبات صداعٍ لا يُحتمل، أفكّر في احتمالات "الإيذاء"، ذهبتُ بوجهٍ شاحب حرصتُ على تجميله بابتسامةٍ ملفقة.

 اجتمعتَ بنا إذا، الساعة 1 ظهرا، من أجل تطبيق برنامج "أفضل موظف في الشهر".

قلت لنا:
دعونا نضع معايير للاختيار، سأبدأ أنا. أول معيار:
Zero Errors. I will not accept even one error or mistake

كانت رسالة مبطّنة، وملغّمة. هه ! سيتوالى القصف، أخفف من الإيقاع السريع لأنفاسي، أخربش بالقلم، أرسمُ على وجهي ابتساماتٍ بلهاء.

لم يدر في خلدي يوماً أن بوسعي تحمل كل هذا، رغم كل شيء، ظلت صورتي الخارجية محتفظة بأعلى درجات التوازن.

الأحد، 20 نوفمبر 2011

رسالة (3)


عزيزي المدير

الزمن سريع جدا ..
ها هي مشاكلك مع موظف (ج) الذي كنتَ، حتى وقتٍ قريب، تستعينُ به على موظفين آخرين
شهرٌ واحد، فقط، كان يفصلك عن هذا الواقع
شهر هو – بالتأكيد – من أغرب وأقسى وأمضى وأشّد وأسوء الشهور ..
أحس بغرابة هذه اللحظة ..
بخصوصيتها .. 
وباحتوائها العميق على عنصر التعلّم ..

ما الذي نتعلّم من قسوة الزمن ؟ ما الذي قد نفوّت ؟؟

السبت، 19 نوفمبر 2011

رسالة (2)



عزيزي المدير

كيف حالك ؟ كيف هيَ صحتك ؟

وصلني، اليوم، هذا الإيميل الخاطف من زميلة:

Welcome to the Shame list

رغم أن زميلتي، التي أحبها جدا، تميل لإضفاء نكهة ساخرة على كل شيء، إلا أنها وصفتْ ما أنا عليه بالضبط. أشارت لـ الزاوية التي تحاول أن تخنقني فيها، صرتُ كـ الهمّ الذي تقاومه وتستعيذ منه، وأنت –لو تدري- في غنى عن ذلك كلّه !
هل كان من الضروري، استخدامك للعصا، في هذه الحالة ؟!
لماذا استبعدت –وفقا لمعرفتك العميقة- تلك الجزرة ؟ لماذا أخفيتها ؟ ربما التهمتها.

هل تساءلتَ لماذا تعاني من الموظفين، دائما ؟
هل وقفتَ مع نفسك وقفة مصارحة ؟؟

"خصومتك" تجعلني في منأى عن "سوء معاملتك" ..
شكرا لك على هذا الهدوء.

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

رسالة (1)



عزيزي المدير   
                
متأكدة: أنتَ تشعر ببعض الندم.
على الأرجح: أنت تشعر بشيء من الغضب على نفسك.

تودّ لو يعود الزمن، وتنحذف هذه المشاحنة، الــ جمعتنا، إلى الأبد.
ليس لأنها استثنائية، وأنت صاحب التاريخ العريق، بل لأنها جاءت في الوقت الخطأ، بالنسبة لك. أنت، الآن، أضعف من أي وقتٍ آخر: مريض بالسكر، وتعاني من قلق عميق جدا بخصوص الأمور المالية.

عزيزي

لم أستطع أن أكرهك ..ثمة طيبة رائعة في داخلك، لا أستطيع الإستهانة بها.
ولكن ربما حذفتُ مسألة الإعجاب بتاريخك المهني، تماما !!

هذه ليست رسائل



ليست "شيئا" حقيقيا، لأن "الحقيقي" قد تلاشى دون رجعة.
الأكثر أهمية، الأشد دقة، هو أمرٌ مختلف.
هنا، لن تقرأوا إلا "نسخة" باهتة، انتقائية، ومتكلفة.

لا أدري من هو القائل: "نحن نموت دون أن نعرف ما عشناه."
مع ذلك، نستمر في الكتابة، متوهمين أننا قبضنا على تلك المعرفة.

هذه ليست "رسائل": تسع نصوص (09).
لكن – يا للأسى – قد تكون استغرقتْ : سنة، أشهر، أيام طويلة، لحظات عصيبة.
في النهاية، هذا لا يهم، انظروا كيف تحوّل الأمر برمته إلى "نصّ"، وأي نص مشوّه ؟!

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

الأرامل



الأرامل
ايريل دورفمان
ترجمة د. عبدالوهاب المقالح
دار نينوى - الطبعة الثانية 2002


رواية عن اختفاء الرجال على أيدي البوليس السري للدكتاتوريات، دون أن يظهروا مرة أخرى، أبدا.

أو هي حكاية المصائر "المعلّقة" التي تجعل سبعا وثلاثين أرملة، يتنازعن على شيء واحد، ليس سوى (جثة) "ها نحن قد سجلنا رقما ما، في حين أننا نفشل دائما فشلا ذريعا في المنافسات الرياضية، أرامل كثر، لجثة واحدة، أكثر من أي مكان آخر."

يخاطبهن القائد العسكري:

-
الهوس الشديد بدفن الرجال، الذين لا صلة لهم مطلقا بأسركن، هو في الحقيقة ضربٌ من الجنون، بل إنني لا أجد حرجا في وصفه بأنه هستيريا جماعية.

تساءلت هل هو الهوس بالدفن، أم الهوس بـدفن "القلق" و"الترقب" ؟

لا يوجد عندي شك أن الرواية كُتبت بشكل ممتاز، مُتقن، وبموهبة سردية خلاقة ومتميزة، لهذا قرأتها بالكثير من الشراهة/المتعة/التماهي/التأثر..

لكني - ربما - لم أقتنع كثيرا بكيفية لملمة الحبكة السردية في شكلها النهائي، كيف بدتْ بعض الأجزاء ناشزة أو ربما هو نوعٌ من "الابتكار" الذي لم أنسجم معه.

الجدل الذي تثيره حقيبة يد



الأم: هذا سعرها ؟! ما "تستاهل" أكثر من دينارين !

الأخت: جميلة  لو كانت ، فقط، أكبر حجما

الزميلة: مستحيل أشتري مثلها ..

الصديقة: تشبه نوعا من أنواع "السيراميك"

أخت الزوج: لم أستسغها، كأنها مصابة بداء "الجدري المائي"

الأحد، 13 نوفمبر 2011

في هجاء العمود الصحفي



الكتابة على عجل، هي سِمة صحفيّة بامتياز.
يُمكن لشريحة لا بأس بها من قرّاء متوسطي الذكاء، أنْ يلاحظوا كميّة التساهل، السطحية، اللّف والتكرار الذي تحفل به مقالاتٌ كثيرة تُنشر و لازالت في الصحافة.
.
.
لا أتذكر، آخر مرة، قرأتُ فيها عموداً صحفيا أعجبني.

الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

شاعرية المُجازفة ..

ماذا يعني لي، وأنا أتقدّم أكثر، استحضارُ "ذاتي" المُغامِرة ؟
تخيّلوا معي، ولو للحظات، كل هذا الليل، بسواده وقسوته وتمكّنه، يتحالف مع هواءٍ مرعب، بارد، مفتوح على احتمالات تشبه: العاصفة، الرعد، المطر الغاضب.
لا زلتم تتخيلون ؟ أنتم تتقدمون، بحذرٍ شديد، نحو البحر. لا أحد هناك. سوى "ذاتٍ" مُثارة بشعورٍ حالم، ستلحق بكم، بعد قليل.




ما يحتويني الآن:  رائحة البحر، رائحة التراب، رائحة الصخور، رائحة المغامرة !
قدميّ تنغرسان، لكني، بزهوٍ واضح، أمارس لعبة الإفلات والتقدّم أكثر. أصل إلى الموج المتلاطم، آه كم تبعث كلمةُ "المتلاطم" شجنا لذيذا، أتوقف للحظات. ربما لأختار:
 أي زورق ؟
أي رحلة ؟   
.
.
.
في الأفق، ذاتٌ مغامرة، تصل معي ونجلس معا على حافة الزورق.
كانت أختي، ذكّرتها كثيرا : أنا أول من وصل. أنا أول من فكّر في هذه المغامرة. ربما لأجعلها تتخيل: أنها التلميذة وأنا الأستاذ، أنها ستبقى – دائما – الأخت الصغيرة التي تلحق بأختها الكبيرة. 

الجمعة، 4 نوفمبر 2011

خطأ رقم 07



مثل جندي فوّت عليه قتل عدوه ذات فرصة، ثم التقى به مجددا في معركةٍ خاسرة.
أنا أيضا.
أضعتُ تلك الفرصة الثمينة، كي أقتلك داخل قلبي.
وحين مرّ الوقت، أدهشني كيف تمكّنتَ من النمو، هناك، كشجرة.


* حقوق الصورة محفوظة لـ Shorty

الاثنين، 31 أكتوبر 2011

ألف منزل للحلم والرعب



لم يسبق لي أنْ تمنيت لو أكون كاتب الرواية التي أقرأها، كما حصل مع "ألف منزل للحلم والرعب".
أريد أن أكتب بهذه الطريقة الأنيقة عن الموت، طريقة استثنائية، غير متوقعة، مربكة، ومرعبة.

أخبروني، ألن تشعروا بالبرد وأنتم تقرأون:
"أرتجف من داخلي أيضا- من الألم، من البرد، من برودة القبر، من برودة الموت."

في الرواية ستكتشف متعة أن تقرأ وتتساءل، أين هو الآن؟ هل هو مريض؟ يهلوس؟ يحتضر؟ ميت فعلا؟!
يمتلك عتيق رحيمي لغة رهيبة، مجاز حاذق، تعبيرات لمّاحة:
"تحت عفارة التشادري، كانت تشعر بجنون الحزن."
"وضعت أمي قطعة السكر المبللة في صحنها. ذاب السكر، تماما مثل قلب أمي."
"لقد ذهبت لتضع وجهها المرتعب خلف الباب. إنها تنتظرني أنا."
"مثل الشمعة الموضوعة على حافة النافذة، يذوب جسدي ويسيل على الفراش."
أو هذا التعبير:
"لقد أخرجني الطفل من حلمه. أنا مخلوق حُلُمي. أب خيالي. زوج متخيل. ما الفائدة إذا بالنضال كي أعود إلى الحياة؟"
بوجه عام، الحديث عن الحلم يضفي هالة ساحرة على أي نص، لكن أن تكتب بهذا الشكل، شيء خارق ..!

كل هذا تقرأه بعفوية، لم أشعر بأثر لأي تصنّع أو تكلّف، رغم أن الاشتغالات والثيمات المدسوسة في الكتاب تصعب معها التلقائية، لكن رحيمي نجح، نجاحا كبيرا ..
"لا تعلن أمي خبرا سيئا للتو. تتركه يسكنها فترة ما، تبكي، تظهر حنقها .. غدا صباحا، عند الفطور، ستقول"  

الخميس، 27 أكتوبر 2011

لحظة شاعرية



أدخل. أكتشف – من جديد – أن هذه الكتب ســ تبقى "نقطة ضعفي"، وأني لا أجيد مقاومة شرائها. أتجاهل كل نداءٍ عقلاني يحاولُ حرماني من متعة الاقتناء. لاحظوا لم أستخدم مفردة "قراءة" أو "إطلاع" لحد الآن !

كما يحدثُ في الأفلام، أو في الرواياتْ المُرهفة، أتعثر بكتابك.

أستغل لحظات انشغال صديقتي بكتب تطوير الذات وتحقيق النجاح، أمدّ يدي لكومةِ الأوراق، أصاب بـ نوبة خدْر ٍ مؤقتة. كتابك؟ كم أثار فيّ الشجن، وتماما، كما يحدث في الأفلام، أو في الروايات المُرهفة، أقرّب الكتاب إلى قلبي واحتضنه. عليّ الاعتراف أن هذا الحنان قد فاجأني !

تقولُ مقدمة الكتاب في وارد الحديثِ عنك: ولد عام 1922 وتوفي مساء 4-4-1998 .
هذا لا يعني شيئا بالنسبة لي. أن تكون في قبرك، أو في بيتك تحتسي كوب قهوةٍ باردة.
ما يهمني، بصدق، كل هذه الانفعالات/ اللهفة وأنا أقلّب في صفحات الكتاب. هل هو الحنين إلى الزمنِ الهارب الذي قرأتك فيه؟ الساعات الفاتنة التي أسرتني فيها بكلماتك الدافئة؟ أي سحر؟



عند الكاونتر، أدفع قيمة ثلاثة كتب، ديوانيّ شعر ورواية واعدة. أرمقُ كتابك، وقد ابتعته بشغفٍ فريدٍ/غريب ، أطمئنُ في كل حين إلى وجوده، أفكّر في مستقبله، في الوقت الذي سنتشاركه معا. هي- بحق – لحظة شاعرية، لستُ متأكدة، هل تتكررُ في الأفلام أو الروايات المرهفة ؟!  

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

للعمر الذي لم يأتِ بعد



سأصمت، هذا المساء، لأتأكد:
لدي ما أقوله في ذلك المساء البعيد.

سأمنع وجهي من بلاهة الابتسامات
سأحفظ ابتسامتي من التلف ..!

دون شك، بعد 30 عاما أو أكثر
يجب أن نكون متأهبين بشكل ٍ جيد.

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

أن تهادن هشاشتك .. وتكتب


من أكثر الأمورِ التي أحذر، الكتابة في لحظاتِ الحزن أو الألم. لا أعني النشر فقط، أعني "فعل" الكتابة ذاته ..
بعض البكاء مزعج، بعض الكتابة لا تحتمل، ربما لأنها لن تنجو من شحناتٍ سالبة منفّرة، أو أنها ببساطة ستتورط في فخ "الفضفضة"


هذه ليستْ القاعدة دائما، هنا ما كتبته قبل أشهر، وعلى عجل:

(لم تعد فضفضتي تلك الفضفضة العفوية جدا، المملة في نفس الوقت، والتي كنتُ أداوم بشكل هستيري على الالتزام بها بين عامي 1999 و 2000 ، إن قراءتها في يومٍ مشمس كهذا اليوم، و بعد أكثر من 10 سنوات، تسبب الصداع و تنفث جرعات من الحزن
لا، ليس الأمر دقيقا جدا
أنا اليوم، مليئة جدا، بالفزع والطاقة الـــ .... أوووو ... هل أعترف؟ الطاقة السلبية)

ربما، بمزيد ٍ من الأسى، صار عليّ أن أكتب هكذا

(الساعة تقترب بحذر من الواحدة ظهرا ..
يخيّل لزملائي في العمل أني مشغولة جدا في حين أخط هذه السطور
أصابعي تنزلق على الكيبورد برشاقة، بينما روحي تنزلق في مطبّات عميقة ..
لا تروقني فكرة "الفضفضة"، ما أريده فقط هو أن أحاصر "رعبي" .. )

السبت، 17 سبتمبر 2011

اعتذار لن يحدث قط.



ها هو المطر ينقرُ على النافذة الشاحبة
مطرٌ ناعم، متوحّد، وقور
لكنه – على غير ِ المتوقع – لا يجيءُ بطبقٍ من الحزن
و لا حتى بأقل من دمعةٍ متعثرة
إنه فقط يحاولُ أن يذكّرني بك
و يوشك أن ينجح في ذلك

لكني – وعلى غير ِ المتوقع أيضا – أتذكرك بصورةٍ سيئة
أتذكر: عليّ أن أعتذر لك
أو ربما أن أنهالَ عليكَ بالاعتذارات ..
.
.
.
.
المطرُ لحوحٌ ويكاد أنْ ينتحب
يحاولُ أنْ يستثير في داخلي عاطفة الندم
وهي – بالمناسبة – عاطفةٌ لم يحن أوانها
أو أنّ الوقت ما زال مبكرا كي تتبرعم في قلبي

أعتذر إليكَ، إذاً، من غير ِ ندم ٍ أو ورع
أعتذرُ إليك بــ قلمي المتردد، بـ حرقة الدم وهو يصعدُ إلى الرأس
أعتذرُ إليك بحروف ٍ لا تعرفُ الطاعة، أعتذر إليك بشدة اعتذارا قد لا يصلُ إليك
وعلى الأرجح، أنه لن يحدث قط.

الأربعاء، 17 أغسطس 2011

الحياة ليست مملة




في الطريق من العمل إلى البيت استيقظتْ في داخلي هذه العبارة، على هيئة شعورٍ مباغت.

الحياة ليست مملة حين تأسرك التفاصيل الصغيرة،


حين تعدّد "الهبات" التي بين يديك،


 وتلك القادمة.



الجمعة، 15 يوليو 2011

خطأ رقم 08


من أقسى الأمور التي يمكن أن تصادف أي شخص، هو تباين مواقفه في زمنين مختلفين قد يكونان قصيرين ..
مثلا ..
أن أشكو اليوم من ضغوط العمل، ولكني في زمنٍ آخر أشعرُ بالحنين للحظاته المرهقة
وأفكر لو أني استمتعت أكثر بهذا الشقاء !
لو أني حوّلته للعبة مسليّة  تغني الوقت بدلا من أن تجرح انسيابه ..

By Dill Pixels 

أجدني– اليوم – أشد اقترابا من حافة القلق، و التشوّش، والتساؤل ...


أبحث عن الكائن الذي يجدّد النشاط، يرفّه، ينقّي.

هل هو كائنٌ مستقل يمكن أن يضيع ؟ طاقة خارجية تستحق الانتظار ؟


ليس بالضرورة، هذا كلامٌ غارق في التنظير.

.

.
ما أريده فعلا، أن أكون أكثر قوة. هذا يكفي.  

الأحد، 3 يوليو 2011

خطأ رقم 09



أفتقدك
لا لأني أريد لقاءً
لكني - مع الشعورِ بالفقد- أرتاحُ جدا
وأشعرُ أني أفضل 
وأعرفُ نفسي أكثر !

السبت، 2 يوليو 2011

PAIN



لم أستطع التحدث إليك وأنت في غمرة الانفعال، مع درايتي بنوبات مرضك وعصبيتك وحرقتك
إلا أنها المرة الأولى التي يصيبني الشرر وتمسني النار
نار المرض ؟ الشقاء ؟ الألم العميق، الحاد، الشائك ؟
تراك تتحملين كل هذا ؟
تراني أنجح في دور المخلّص، المبلسم، المضمِّد ؟؟
.
.
.
.
.
.
بالمناسبة أشعر بصداع محتمل منذ ساعات.

الأربعاء، 29 يونيو 2011

في حضرة النائم بلطف



لماذا يثير منظر طفلٍ نائم، كل هذا الشجن ؟
الحيوية الغائبة، مؤقتا.
اللعب المتوقف، مؤقتا.
الحياة – بكل أَلَقها وغرورها وعبثيتها – تذوب في العينين الغافيتين، مؤقتا.

السبت، 18 يونيو 2011

على هامش ما يكتبه الماغوط



لغة حادة، قاسية، جارحة، حسّاسة، شديدة التوتر، مضيئة، موحية، تتعثرُ فيها بـ الجنازير، بالجثث والخرائب ..
يحضرُ (الخبز) كـ همٍّ أزليّ، يحضر (الجوع) و(الدمع) و(الهزائم) ..
لذا، من يريدُ أن يقرأ للماغوط، عليه أن يتحضّر لوجبةٍ دسمة من الكآبة:
"هكذا أودّك يا حبيبتي
زهرةً برية أو يمامةً في عنقِ الريح
ولكنني يائسٌ حتى الموت
أتقهقرُ بلا رويةٍ على تلال الحبر"

في ديوان (حزن في ضوء القمر)، وإلى حدٍ ما (غرفة بملايين الجدران)، تصدمنا "ذات" الشاعر، احتراقه، مراراتُ أيامه وهواجسه اللاذعة، سنقرأ مثلا
"وكان أبي، لا يحبني كثيرا،
يضربني على قفاي كالجارية
ويشتمني في السوق"

وهذا الرجاء الذي يشبه مواءً كئيبا
"دعوني أنطفيء كشمعةٍ أمام الريح
أتألمُ كالماء حول السفينة"

أما في ديوان (الفرح ليس مهنتي) تحضر "رؤى" الشاعر وتصوراته، وهي التجربة "الأكثر نضجا" مقارنةً بالديوانين الآخرين، سنجد الإبداع والمشاكسات والألم الساخر يأخذ مساحةً أكثر تحررا من الهم الذاتي والشخصي المباشر ..
"لو كانتْ الحرية ثلجاً
لنمتُ طوال حياتي بلا مأوى"
.
.
ما أعرفه أنها دواوينُ ثلاثة، سأحب دائما أن أعود لها وسأقترف –عن سابق إصرار – فعل الاطلاّع عليها وقراءتها مرّات ومرّات ...

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

كائن يسكنني



 أحيانا
أروح وأجيء
لا ألوي على شيء ..
وقد لا أنجز ما أردتُ إنجازه
أراقب تقاطيع وجهي
يشّع منها القلق ..
ملامح فتاة  ؟
بينما داخل روحي
ترقد عجوزٌ حكيمة، حزينة،
 ناضجة وخبيرة بالحياة أكثر مما ينبغي
.
.
من الواضح أنها تزعجني كثيرا
ولكن لا يطاوعني قلبي بــ إقصاءها

الجمعة، 10 يونيو 2011

عن مياهٍ لها لونُ الغرق



القراءة لإيميل سيوران مرهقة، رغم أن طبيعة الكتاب الذي يعتمد أسلوب "الومضة" أو "البرقية" قد يوحي للوهلة الأولى أنه وجبة سريعة .. 

يميل الكاتب للتحدّث بسخرية، بلغة عميقة ولاذعة، لكنه لن يضعك -عزيزي القاريء- نصب عينيه، لن يفتّش عن رضاك، إنه يكتب غيرُ آبهٍ بأحد .. 

سيوران شديدُ الإخلاص ليأسه المختلف، يسخر من "المتفائلين" الذين "يقترفون الأمل" على حساب الآخرين، يمجّد اليأس لأنه "بديهي" و"ذو أسباب وجيهة" أما الأمل فعلينا أن نتأمل سخاءه في الغش !

 يلح المترجم آدم فتحي ( من الواضح أنه قاريء ضليع ) بالإدعاء أن عقل سيوران شغوف بالمفارقات والتناقضات، وقد ساق أمثلة عدة في الهوامش الملحقة بكل فصل. 


بكلمة موجزة، كاتب استثنائي قادر على إنهاك الحواس.

الأربعاء، 8 يونيو 2011

مفارقة ..

طبعا في الحياة جمال و روعةٌ و بهاء
طبعا فيها منح و هدايا و هِبات
لكن آلامها قادرة على أن تعمينا عن جاذبيتها و لو للحظات ..


الثلاثاء، 7 يونيو 2011

فرويد والأحلام



نظرية الأحلام
سيغموند فرويد
جورج طرابيشي ( المترجم )
دار الطليعة للطباعة والنشر – الطبعة 7
تاريخ القراءة: 27  يناير 2010 

رغم أن كتابا يحتوي عنوانه على مفردة "نظرية" قد يثير شيئا من "الفزع" أو الخشية من مضمون منفّر وغامض يحتاج لشروح وتفسيرات؛ إلا أن كتاب فرويد هذا لا ينطبق عليه الوصف. إنه يميل للتشويق، كما أنه على درجة عاليةٍ من الحيوية ذلك أنه في الأساس كان مجموعة محاضرات ألقاها سيغموند فرويد في جامعة كلارك في الولايات المتحدة  سنة  1909

بدا لي فرويد "مدافعا" عن الحلم، يتعامل  معه بتقدير خاص، ويقول أحد الباحثين أن فرويد استقى اهتمامه متأثرا بما جاء في التوراة من فكرة تشير إلى أن "كل حلم يتضمن رسالة ما"

هناك مصطلحات معينة ابتدعها الطبيب النمساوي اللامع، لن يتمكن الفرد من استيعابها إلا اذا اطّلع وقرأ وأعاد قراءة بعض السطور، منها على سبيل المثال "صياغة الحلم" و "عمل الحلم" و"الحلم الظاهر" و"الحلم الكامن" و"رقابة الحلم" الذي راقني ودوّنته عندي ويعني نوع من "المقاومة" وظيفتها إحداث تحريف في الحلم، وتذهب بعيدا من خلال موالاة عملها بالحفاظ على التحريف و"صونه" ..
في الحديث عن (رمزية الحلم) بدا لي فرويد مبالغا في حماسته، وبعد أن حشد الكثير جدا من الرموز وأسبغ عليها تفسيرا جنسيا، قلت بيني وبين نفسي

It's Over

وأحسبني ممن عناهم فرويد عندما صرّح (قد تقولون لي بسخط واستنكار: من يسمعك يخيل إليه أننا لا نعيش إلا في عالم من الرموز الجنسية ، أكل ما يحيط من أشياء، وكل ما نرتديه من ملابس، وكل ما نحمله باليد، أهو كله عندك رموز جنسية، ولا شيء غير ذلك؟ ..)
والغريب أنك تنتظر منه مبررات مقنعة، فلا تجده إلا وقد زاد ادّعاءاته هشاشة، وهي بالمناسبة ليست قليلة !

الأسلوب ممتع جدا، وستجد فرويد صادقا عندما يؤكد أنه يبتعد عن "العرض الرتيب الذي يخفي الصعوبات، ويسد الثغرات ويحجب الشكوك" لكنه على وجه التحديد يقدّم علما بما فيه من "وعورة وفجاجة وادّعاء وتردد" .. وتلك هي، بالضبط، مجمل اللعبة المسلية في الكتاب !